• 27 Jun, 2025

أوّل مسلم يفوز في الانتخابات التمهيدية لعُمدة نيويورك: مَن هو؟

أوّل مسلم يفوز في الانتخابات التمهيدية لعُمدة نيويورك: مَن هو؟

أوّل مسلم يفوز في الانتخابات التمهيدية لعُمدة نيويورك: مَن هو؟

زهَران ممداني، أوّل أمريكي مسلم يترشح لمنصب عمدة نيويورك باسم الحزب الديمقراطي، يُحدث مفاجأة سياسية بفوزه في الانتخابات التمهيدية، متفوّقًا على نخبة سياسية واقتصادية ضخمة..

فماذا يُمكن أن نعرف عن هذا الرجل الذي قلب معادلة النخبة في نيويورك؟

هُو سياسي أمريكي من أصول هندية، اشتهر بمواقفه التقدمية ودعمه للتيار الاشتراكي الديمقراطي داخل الحزب الديمقراطي، إضافة إلى تأييده القضية الفلسطينية. وُلد في العاصمة الأوغندية كمبالا عام 1991، ونشأ بين مدينتي كيب تاون ونيويورك، ونال الجنسية الأمريكية عام 2018.

وفي عام 2021، انتُخب عضوا في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك، ثم خاض عام 2024 سباق الترشح لمنصب عمدة المدينة، فأصبح أول مسلم يترشح لهذا المنصب في تاريخها.
المولد والنشأة

وُلد زهران كوامي ممداني يوم 18 أكتوبر 1991 في العاصمة الأوغندية كمبالا، وانتقل مع عائلته وهو في سن الخامسة إلى مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا، ثم إلى مدينة نيويورك الأميركية بعد عامين.

هو نجل الأكاديمي الهندي محمود ممداني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا، والمخرجة الشهيرة ميرا ناير، صاحبة أفلام "ميسيسيبي ماسالا" و" زفاف في موسم الأمطار".

وتأثر ممداني بتجربة والده الفكرية وأعمال والدته الفنية، ليوجّه لاحقا بوصلته نحو القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تمس الفئات المهمشة.

ونال ممداني الجنسية الأمريكية عام 2018، وتزوج في عام 2025 من الفنانة التشكيلية السورية راما دواجي.

الدراسة والتكوين العلمي

تلقى ممداني تعليمه الأولي في المدارس العامة بمدينة نيويورك، وتخرج في مدرسة برونكس الثانوية للعلوم، ثم حصل عام 2014 على البكالوريوس في الدراسات الأفريقية من كلية بودوين.

ويتقن ممداني لغات عدة، منها الإنجليزية والسواحيلية والهندية، مما ساعده في التواصل مع شريحة واسعة ومتنوعة من سكان منطقته.

وشارك أثناء دراسته الثانوية في تأسيس أول فريق كريكيت في مدرسته، وكانت ممارسته السياسية آنذاك تقتصر على منشورات مطولة على فيسبوك.
وفي المرحلة الجامعية، شارك في تأسيس أول فرع لحركة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، وأسهم في تنظيم حملات وطنية بالتعاون مع منظمات تقدمية، هدفت إلى دعم مرشحين يساريين وتوسيع نطاق التأمين الصحي في الولايات المتحدة.
التجربة العملية والسياسية

قبل دخوله عالم السياسة، نال ممداني شهرة واسعة في مجال موسيقى الراب واشتهر باسمه المستعار "السيد هيل". ثم انخرط مبكرا في العمل الميداني ونشط في الحملات التي تطالب بإصلاح قوانين السكن وإلغاء ديون الطلاب.

وعمل ممداني مستشارا في مجال منع حجز المساكن، وهي الوظيفة التي دفعته للترشح لمنصب عام، إذ أدرك أن أزمة السكن لم تكن حالة طبيعية بل نتيجة سياسات متعمدة اتخذت على مر الزمن.

انضم عام 2017 إلى حركة "الاشتراكيون الديمقراطيون في أميركا"، وهي أكبر منظمة اشتراكية في البلاد، تسعى لترسيخ الحضور العلني للاشتراكية الديمقراطية في المجتمعات والسياسة الأمريكية.
وفي عام 2020، فاز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وأصبح عضوا في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك عن الدائرة 36 في منطقة أستوريا، ليكون ثالث مسلم يتولى هذا المنصب.

وعُرف ممداني بانتقاده الشديد لسياسات إسرائيل، إذ وصف حربها على قطاع غزة بـ"الإبادة الجماعية". وفي عام 2021، كان أحد الأصوات القليلة في الجمعية التشريعية التي طالبت بوقف تمويل الشرطة التي تتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.

كما شارك في فعاليات مناصرة لفلسطين في نيويورك، وصوّت لاحقا ضد تشريعات يرى أنها تقيّد حرية التعبير الداعمة لحركة المقاطعة "بي دي إس".

ودعا ممداني في أعقاب الحرب على قطاع غزة عام 2021 إلى "وقف غير مشروط للعنف الإسرائيلي ضد المدنيين". وقال إن "العدالة لا يمكن أن تتحقق في نيويورك في وقت نغض فيه الطرف عن الظلم في فلسطين".

وأكسبته هذه المواقف شعبية واسعة بين الناخبين المسلمين في نيويورك، لكنّها في المقابل أثارت انتقادات شديدة من جماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل.
حملة مضادة لهزيمته..

وبنى ممداني حملته على برنامج يساري طموح، يعد بجعل المواصلات العامة مجانية، وضخ 70 مليار دولار في مشاريع إسكان مدعومة، وتجميد الإيجارات في الشقق السكنية، وجند قرابة 50 ألف متطوع طرقوا أبواب 1.6 مليون منزل، حسب فريق حملته الانتخابية.

كما دعا إلى فرض ضرائب أكبر على الشركات والأثرياء لتمويل مشاريعه، في مدينة تعد الأعلى في أمريكا من حيث ضريبة الدخل (14.78%). وبهذا، اصطدم مباشرة بمصالح نخبة الأعمال، ما دفع شخصيات بارزة مثل بلومبيرغ، والملياردير المؤيد لإسرائيل بيل أكرمان، ومؤسس "نتفليكس" ريد هاستينغز، إلى ضخ ملايين الدولارات في حملة مضادة لهزيمته.

ويستند ممداني في رؤيته إلى واقع ديموغرافي جديد في نيويورك، حيث يعيش أكثر من 67% من سكانها، البالغ عددهم 9 ملايين، في شقق مستأجرة، ويفتقر أكثر من 80% إلى سيارات خاصة، ما يجعل مجانية المواصلات قضية جذابة، كما أن قرابة 48% لا يتحدثون الإنجليزية في منازلهم، و37% ولدوا خارج الولايات المتحدة، وفق بيانات مركز بيو.

وفي السنوات الأخيرة، تسببت سياسات الإيجارات في سحب آلاف الشقق من السوق، بينما أدت قوانين بيئية صارمة وتكاليف الطاقة والعمالة إلى رفع أسعار السلع والخدمات الأساسية، ويقدم ممداني نفسه كمن يسعى لإعادة التوازن إلى هذه المنظومة المختلة.